|| سلسلة شبهات وردود || الفصل الأول : وجوب الرد على أهل الباطل و الأهواء : - مدونة هدف
مدونة هدف مدونة هدف
test banner

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

|| سلسلة شبهات وردود || الفصل الأول : وجوب الرد على أهل الباطل و الأهواء :




بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأرضين.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :
فإنه نصحا لله و لكتابه و لرسوله وللمسلمين ، قمت بجمع شبهات يقول بها بعض المنتسبين للعلم من أهل الأهواء في بعض المسائل المعاصرة التي كثر الجدال حولها ، و عملت على إبطالها بالأدلة الشرعية من نصوص الكتاب و السنة و بكلام أهل العلم ، وذلك تنبيها لأولي العقول السليمة و الألباب الزكية المستقيمة ، حتى لا يختلط الباطل بالحق و لا الجاهلية بالإسلام ، لاسيما و أن هناك الكثير و الكثير ممن نشأ في الإسلام وهو يعيش بين أظهرنا و لكنه لا يعرف الجاهلية ولا صورها فكيف يجتنبها ، بل قد يكون غارقا في ظلماتها بسبب عدم التمييز بين الشرك و الكفر و الإيمان و التوحيد ، حتى انتقضت من الدين عراه ، وعزّ خلاصه وعظمت بالجهل محنته وبلواه، وآلت الرياسة إلى الجهال و الأغمار مصداقا لما جاء عن سيد الأبرار ، و اشتدت غربة الدين واشتد الإدبار، حتى رأينا بعض من يدعي الصلاح و الفقه بل و الجهاد وقع فيما سيذكر من الشبهات و الانحرافات، و لكن لما العجب ونحن في زمن كثرت في الانقلابات و التراجعات والتأويلات ممن كانوا يتصدرون في الساحات و على المنابر وفي الشاشات ، ثم صاروا مع المنحرفين و المنافقين يسيرون بسيرهم ويقولون بقولهم و الله المستعان، لذا كانت هذه الوقفات لئلا يلبس هؤلاء على عامة المسلمين فيضلوهم عن الصراط المستقيم ، عسى الله أن ينفع بما سيأتي من الردود على تلكم الشبهات و الضلالات لتنقشع عن الناس الظلمات و تحل الخيرات و البركات .
والله من وراء القصد و هو يهدي السبيل فأسأله سبحانه الهداية و الإعانة فيما توخينا من الإبانة
كتبه أبو عبد الله الليبي
السبت : 20صفر 1436
13الموافق: /12/2014 .


الفصل الأول :


وجوب الرد على أهل الباطل و الأهواء :



عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم.
و من النصحية لله و لرسوله الدفاع عن الدين و الذود عن حياضه من المفترين و الضالين و الكاذبين الذين ينسبون للإسلام ما ليس في ، اتباعا للهوى و تحكيما للعقل يريدون بذلك تأييد ما ذهبوا إليه من الباطل ، حيث أنهم ينسبونه إلى الإسلام تزيينا وله و تلبيسا على الناس ليقبلوه فإنهم لو جاءوهم بباطل واضح لن يقبلوه ، و هذه طريقة إبليس حيث قال لآدم عليه السلام كما قال تعالى : " فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ " .
فإنه أراد أن يقنع آدم عليه السلام بالأكل من الشجرة التي نهي عنها ، فآتى له بالأمر مزيّنا بصورة مقبولة وهي أن الأكل من الشجرة يجعلكما ملكين و من الخالدين ، و هذا من تلبيس إبليس و على دربه يسير الأفّاكون المحرّفون لقواعد الشريعة و أسسها في كل وقت و حين ، و لذا كان من النصيحة لله و لرسوله رد شبهاتهم و بيان بطلان أقوالهم ، و هو كذلك من النصيحة للمسلمين فإن المؤمنين بعضهم أولياء بعض و هذه الوَلاية تستوجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ومن المنكر أقوال أهل الأهواء و البدع و أهل الكفر و الزندقة فوجب تحذير الناس منها ومن أهلها فضحهم لئلا ينخدع الناس بهم ، و هذا هو المنهج الرباني في القرآن و قد بينه الله تعالى بقوله : " كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ " الأنعام 55 .
قال سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن : إنه يكشف عن خطة المنهج القرآني في العقيدة والحركة بهذه العقيدة ، إن هذا المنهج لا يُعنى ببيان الحق وإظهاره حتى تستبين سبيل المؤمنين الصالحين فحسب ، إنما يعنى كذلك ببيان الباطل وكشفه حتى تستبين سبيل الضالين المجرمين أيضاً ، إن استبانة سبيل المجرمين ضرورية لاستبانة سبيل المؤمنين ، وذلك كالخط الفاصل يرسم عند مفرق الطريق.
إن هذا المنهج هو المنهج الذي قرره الله سبحانه ليتعامل مع النفوس البشرية ، ذلك أن الله سبحانه يعلم أن إنشاء اليقين الاعتقادي بالحق والخير يقتضي رؤية الجانب المضاد من الباطل والشر ، والتأكد من أن هذا باطل محض وشر خالص وأن ذلك حق محض وخير خالص ، كما أن قوة الاندفاع بالحق لا تنشأ فقط من شعور صاحب الحق أنه على الحق ولكن كذلك من شعوره بأن الذي يحاده ويحاربه إنما هو على الباطل، وأنه يسلك سبيل المجرمين الذين يذكر الله في آية أخرى أنه جعل لكل نبي عدواً منهم «وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ» ليستقر في نفس النبي ونفوس المؤمنين، أن الذين يعادونهم إنما هم المجرمون عن ثقة، وفي وضوح، وعن يقين.
إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح ، واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات ، ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشاً وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم. فهما صفحتان متقابلتان، وطريقان مفترقتان ولا بد من وضوح الألوان والخطوط.
ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين. يجب إن تبدأ من تعريف سبيل المؤمنين وتعريف سبيل المجرمين ووضع العنوان المميز للمؤمنين ، والعنوان المميز للمجرمين، في عالم الواقع لا في عالم النظريات ، فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية من هم المؤمنون ممن حولهم ومن هم المجرمون ، بعد تحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلامتهم ، وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلامتهم. بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان ، ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين . اهـ
وهذا هو المنهج العام الذي فُضِّلت به أمة الإسلام و جعلت لها الخيرية و العلو على غيرها، وهو أنها لازالت آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر رافعة لواء التوحيد في وجه أهل الشرك و التنديد كما قال تعالى : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " آل عمران 110 ، و الذي يترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر وبيان الباطل و نشر الحق ، قد ترك ما هو سبب خيرية هذه الأمة ورفعتها ، و هذا ما حصل في العقود الماضية لما ترك الناس بل أخص الناس أهل العلم منهم، تركوا بيان بطلان الدعاوى و الافتراءات التي تنسب للإسلام من أهل الجاهلية المعاصرة حتى استشرت هذه الأقوال بين الناس ، و انقلبت كثير من الموازين لديهم حتى أصبح المعروف منكرا و المنكر معروفا ، و السنة بدعة والبدعة سنة و الله المستعان .
ولن تعود الأمة لعزّتها ومجدها حتى ترفع لواء الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، الذي أهمّه و أعلاه جهاد الكفر و المنافقين باليد و اللسان ورد عدوانهم في كل مكان ، ومع قلة العاملين والصادقين فلم ولن تعدم أمة النبي صلى الله عليه وسلم من أنصار للحق منافحين عنه ظاهرين به كما جاء في صحيح مسلم: عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".
و لمسلم كذلك من حديث جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" .
و لمسلم كذلك من حديث عمران بن هانئ قال: سمعت معاوية على المنبر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس " .
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله في مقدمه كتابه الرد على الجهمية و الزنادقة : " الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم ، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن الضالين " .اهـ
الرد على أهل الباطل و الأهواء من جنس الجهاد في سبيل الله وهو واجب على الكفاية :
بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الرد على أهل البدع و الضلال من جنس الجهاد في سبيل الله و أنه من فرض الكفاية كما في مجموع الفتاوى (28/231) : (وإذا كان النصح واجبا في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون كما قال يحيى بن سعيد: سألت مالكا والثوري والليث بن سعد - أظنه - والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ؟ فقالوا: بين أمره ، وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: أنه يثقل علي أن أقول فلان كذا وفلان كذا. فقال: إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم ، ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل.
فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله ، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب ، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء .
ثم قال : وأعداء الدين نوعان: الكفار والمنافقون، وقد أمر الله نبيه جهاد الطائفتين في قوله: { جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} في آيتين من القرآن.
فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعا تخالف الكتاب ويلبسونها على الناس ، ولم تبين للناس فسد أمر الكتاب وبدل الدين ، كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم ينكر على أهله ، وإذا كان أقوام ليسوا منافقين لكنهم سماعون للمنافقين قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا ، وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين كما قال تعالى: { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء ، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم ، فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين ، فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم ، بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق ، لكن قالوها ظانين أنها هدى وأنها خير وأنها دين؛ ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها ) . اهـ باختصار
وقال بدر الدين ابن جماعة في إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل (1/ 89) : " فإن الذب عن الدين لمن تمكن منه فرض واجب والرد على أهل البدع أمر لازب مع أنه لا يقدر على الحمل على الاعتقاد إلا الرب الذي بيده تصريف قلوب العباد وغاية المنتصب لإقامة الدليل بيان إبطال حجج أهل التشبيه والتعطيل فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء" . اهـ
وقد بين الشاطبي في الاعتصام (3/211) ط ت ( مشهور) أهمية الرد على أهل الباطل و الأهواء و أن هذا من مقاصد الشريعة بقوله :" حيث تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزيينها في قلوب العوام ومن لا علم عنده ، فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس وهم من شياطين الإنس ، فلابد من التصريح بأنهم من أهل البدعة والضلالة ، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم.
كما اشتهر عن عمرو بن عبيد وغيره. فروى عاصم الأحول. قال: جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه ونال منه. فقلت: أبا الخطاب: ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض؟ فقال: يا أحول أولا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تحذر؟ فجئت من عند قتادة وأنا مغتم بما سمعت من قتادة في عمرو بن عبيد، وما رأيت من نسكه وهديه، فوضعت رأسي نصف النهار وإذا عمرو بن عبيد والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله. فقلت: سبحان الله! تحك آية من كتاب الله؟ قال إني سأعيدها. قال: فتركته حتى حكها. فقلت له: أعدها. فقال: لا أستطيع.
فمثل هؤلاء لابد من ذكرهم والتشريد بهم، لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا، أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعدواة ، ولا شك أن التفريق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم، وإذا تعارض الضرران يرتكب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه، كقطع اليد المتآكلة، إتلافها أسهل من إتلاف النفس. وهذا شأن الشرع أبدا يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل " . اهـ
الرد على أهل البدع و الأهواء ليس غيبة بل هو واجب :
و لما كان بعض الناس قد ينكر هذا و يظنه من الغيبة بين أهل العلم أن التحذير من الأقوال الباطلة و ردها و التهشير بأصحابها ليس من الغيبة ، بل هو من الواجب الكفائي كما سبق بيانه .
وقد قال ابن رجب الحنبلي في رسالة الفرق بين النصيحة و التعبير ص 7 : اعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص ، فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه ، وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة وردُّوا على من سوَّى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه ولا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله وتمسك بما لا يتمسك به ليُحذِّر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه.
وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضًا ، ولهذا نجد في كتبهم المصنفة في أنواع العلوم الشرعية من التفسير وشروح الحديث والفقه واختلاف العلماء وغير ذلك ممتلئة بالمناظرات وردِّ أقوال من تُضَعَّفُ أقواله من أئمة السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، ولم يترك ذلك أحد من أهل العلم ولا ادعى فيه طعناً على من ردَّ عليه قولَه ولا ذمَّاً ولا نقصاً اللهم إلا أن يكون المصنِّف ممن يُفحش في الكلام ويُسيءُ الأدب في العبارة فيُنكَر عليه فحاشته وإساءته دون أصل ردِّه ومخالفته، إقامةً للحجج الشرعية والأدلة المعتبرة .
وقال بعدها ص 10 : فحينئذٍ رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه ، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته ، لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته ، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ
و قال القرافي في الفروق (4/207) مبينا وجوب التحذير من أهل البدع و الضلال و أنه لا شيء فيه شرعا : " أرباب البدع والتصانيف المضلة ينبغي أن يشهر الناس فسادها وعيبها وأنهم على غير الصواب ليحذرها الناس الضعفاء فلا يقعوا فيها، وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن بشرط أن لا يتعدى فيها الصدق " . اهـ
منهج البحث :
و المنهج الذي سلكته في هذا هو ( نقل الكلام الذي يراد الرد عليه عن صاحبه و هي الشبهة و أذكر صاحب القول إن كان من المشاهير بين الناس و أعرض عن ذكره إذا كان مغمورا إذ لا فائدة من ذلك ، ثم أقوم بالرد على الكلام مبحثا مبحثا حتى آتي على آخره بعون الله.
و المواضيع و المسائل التي ستطرح لنقاش الشبهات فيها هي :
الشبهات حول تجويز الديمقراطية و آلياتها كالانتخابات ونحوها .
الجهاد في سبيل الله في العصر الحديث و الرد على شبهات من يمنعه أو يبطله .
مسائل الأسماء و الأحكام ( الإيمان و الكفر ) و الرد على شبهات من يحرفها من المعاصرين سواء من أهل الإرجاء أو الغلو .

,, يــتــبــع ,,


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عن الموقع

author مدونة هدف  هدف. موقع مهتم بالبرامج الاسلامية والدينية والسنة النبوية.

معرفة المزيد ←

زوار المدونة

احصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

مدونة هدف

2020